الفصل الخامس

الفقه الوهابي

 

الفقه الوهابي أعرابي ، وذلك أحسن ما نستطيع وصفه به ، بل هو مضحك في كثير من جوانبه ، وإليك الأمثلة

التحايل على الزنا

 

يحارب الوهابية زواج المتعة ، الذي قال بنسخه طائفة من الأمة ، وعارض النسخ آخرون وفي مقدمتهم الشيعة ، وهو زواج مؤقت باتفاق الطرفين ، ويشنِّع الوهابية على الشيعة في ذلك تشنيعاً كبيراً ، ويتهمونهم بإشاعة الفاحشة في الأمة ، ولكن الذي يجهله كثيرون خارج ديار الحرمين أن الوهابية بل كبار علمائهم يحِلُّون ما يسمونه بزواج المسيار ، وقد تداولت ذلك وسائل إعلامهم المختلفة ، ونشرت فتوى جوازه أيضا- وعلى لسان الشيخ ابن باز في باب (واسألوا أهل الذكر) - المجلة العربية ، الرياض ، عدد 232 ، جمادى الأولى 1417هـ .

وطريقة هذا النكاح أن يتزوج رجل امرأة بعقد يستوفي الشروط المشروعة ولكن في نيته المسبقة أنْ يطلقها بعد أمدٍ ، من غير أن تدري هي بذلك !!!! ، ليحلوا بذلك ما حرَّم الله.

أولا: إنَّ الله سبحانه وتعالى يقول (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمةً إنَّ في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون) وأي سكن ذلك الذي بُيِّتتْ له نيةُ الهدم !، وأية مودة ورحمة تلك التي يكِنُّها من يعبث بشرف النساء ليستمتع بهن وهو لهنَّ خادع !.

ثانياً: أبغض الحلال عند الله الطلاق بنص الحديث النبوي الشريف ، وضع لإنهاء علاقة الزوجية عند فشل جدوى باقي السبل ، وهذا الزواج إن لم نقل إنه مبني على الطلاق فهو مآله المعلوم ، فهؤلاء القوم لم يتزوجوا إلا ليذوقوا عسائل النساء ، فهو استخدام غير شرعي للطلاق.

ثالثاً: هذا غشٌ للمرأة الحالمة بالبيت الهانيء المستقر ، في ظل الزواج الشرعي الصحيح ، فهذا الزوج قد غشَّها بزواج حدَّ له أمداً معلوماً قبل أن يكون وهي لا تدري به ؛ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح مسلم (من غشَّ فليس مني).

رابعاً: فوق أنَّ هذا الزواج غشٌ ، وهو كافٍ لحرمته ؛ فهو كذلك استغلال بشعٌ أناني للمرأة الغافلة العفيفة ، التي لا تدري بأن هذا الزوج ما هو إلا ذئبٌ جاء لينهش لحمها ثمَّ يرميها هيكلاً محطماً ليعدوا على أخرى.

خامساً: هذا تشويهٌ لصورة الزواج الشرعي ، الذي هو رباط قدسي ، جعل الله فيه حماية للمرأة وصيانةً لها ، وهذا التلاعب سيسقط هيبته عند الآباء وعند النساء ، ويجعلهم يتوجسون الغدر في كل متقدمٍ للزواج.

سادساً: ما هو التيس المستعار؟ هو رجل يتزوج امرأة زواجاً مؤقتاً ، ليحللها لغيره ، وهذا الزواج محرم بالسنَّة الشريفة . وأحد أسباب كونه تيساً مستعاراً أنه قد تزوج المرأة لأمدٍ معلوم ، وهذه تسمية نبوية لهذا الزوج.

سابعًا: هذا تحايلٌ على ما حرَّم الله ، وهو نفس أسلوب اليهود الذين حذَّرنا القرآن من اتباع خطواتهم ، والذين رمَوا شباكهم يوم الجمعة ليلتقطوها يوم الأحد ، ظانين بذلك أنهم قد تحايلوا على الله الذي حرَّم عليهم الصيد يوم السبت ، وسبحان الله!لكأن الوهابية لم يكتفوا بتقليد اليهود في العقائد فهاهم يقلدونهم حتى في الفقه ، ولكن لا عجب فالمقصد متفِق وهو خراب ديار الإسلام ، فعقيدتهم لسان حالها يقول العقيدة أيها الناس اسرقوا وازنوا واشربوا الخمر بل وافعلوا كلَّ موبقة ولكن قولوا فقط لا إله إلا الله وستدخلون الجنة بعد عذاب قليل ، فيا بشرى المنافقين عند هؤلاء ، والله يقول (ومن يعص الله ورسوله ويتعدَّ حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) ، ذاك في العقيدة أما في الفقه فهاهم يتحايلون على الحرام لِيحلُّوه !.

ثامناً: إنَّ هذا السِّفاح الذي يدعونه زواجا لَيدلُّ على الفهم الأحمق لدى هؤلاء المتعفنة فطرهم لمفهوم الزواج ، فهو يدلُّ بوضوح على أنهم يفهمون الزواج على أنه متعة جنسية للرجل ، متى ما تحققت وشبع من المرأة فله أن يرمي بها ويذهب إلى أخرى يتلذذ بها وهكذا دواليك ، وليس الزواج الإسلامي كذلك فهو علاقة مقدسة بين الرجل والمرأة فيه السكن والمودة ، وبناء الأسرة المسلمة وإنجاب الذرية الصالحة التي هي أساس المجتمع الصالح ، وانظر بنفسك لترى إن كان زواج الوهابية هذا يحقق شيئاً من تلك المطالب!.

تاسعاً: مع أننا نؤمن بأنَّ زواج المتعة منسوخ ، فإنَّه خيرٌ ألف مرَّة مقارنةً بزواج الوهابية هذا ، فليس فيه غِشٌ للمرأة ولا استغلالٌ ، فهو لا يكون إلا برضا الطرفين ، وزواج الوهابية تكون فيه المرأة آمنة تحلم بالمستقبل السعيد مع من تظنه شريك عمرها ، مخلصةً له ، ثمَّ لا تتبين إلا وكلمة طالق تحلُّ على مسامعها كالصَّاعقة المدوِّية من دون سبب تعلمه ، أو جرمٍ ترتكبه!

عاشراً: سمى الرسول الكريم الطلاق أبغض الحلال ، فهو آخر ما يُلجأ إليه ، وهذا الزواج الوهابي سيجعل الطلاق أحبَّ الحلال عند رجالهم السفهاء.

حادي عشر: هؤلاء الحشوية يدَّعون السلفية ، وحاشا السلف الصالح عنهم ، فمن أين لهم بالدليل من السُّنَة على جواز فعلتهم ، ووالله إن هي إلا بدعةٌ لهم وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.إنه الفهمُ الأعرابي للدين ، ولا غرو فقد قال الله سبحانه وتعالى فيهم ( الأعرابُ أشدُّ كفراً ونفاقا ، وأجدر ألا يعلموا حدودَ ما أنزل اللهُ على رسوله والله عليمٌ حكيم ) إنهم يقلبون المفاهيم ، ولا تنفعهم المواعظ ، ويشوهون الحدود والشريعة الغراء ، فكان الأجدر بهم والأحرى أن لا يعلموا الشريعة السمحة والدِّين الحنيف.

إنَّ هذا الامتهان لشقائق الرجال ، ما هو إلا دليلٌ على خِسَّة طباع هؤلاء القوم المتعطشين إلى سفك الدماء وانتهاك الأعراض ، فبالله عليكم انظروا كم من فتاة محطمة سيترك هؤلاء الوحوش بأفعالهم هذه ، وفتاويهم الضالة ، وأية ثقة ستبقى للرجال في قلوب النساء؟

ومن المضحكات المبكيات التي أذكرها أنه عندما حاصرت الحجة أحدهم - وهو في أوربا - قال: دعنا نخرِّب بيوت اليهود والنصارى ! وهو عذرٌ أقبح من ذنب ، فلقد جاء الإسلام رحمةً للعالمين ؛ لينقذ الإنسانية من ضيق الدنيا فيخرجها إلى سعة الدنيا والآخرة ، وأية حضارة بل وأي دين سيقدِّم هؤلاء لإنقاذ الإنسانية المتعطشة للمنقذ ؟! إنَّ هؤلاء يرون جهادهم في الحرب قتل المسلمين وهم يفتون بقتال مخالفيهم ليل نهار وينادون بأن ذلك مقدم على قتال اليهود والنصارى ، أما جهادهم في السلم فكما ترون : الزِّنا والعياذ بالله !.

إنها وأيم الحق لنظرة ضيِّقة حتى لو حسبناها بالمقياس المادي البعيد عن الإسلام ، فالطلاق إن كانت له تبعاته في مجتمعاتنا المسلمة ، فتبعاته شاقَّة في المجتمعات الغربية ، ويكفي أنَّهُ لِزامٌ على المطلِّق أن ينفق على مطلقته مدى حياتها إن لم تتزوج من بعده ، وهو الأمر الشائع معهم الآن قاتلهم الله حيث تعترف الدول الغربية رسمياً بما يسمَّى (أسرةَ العائل الواحد) فتعيش المرأة وعشيقها وتنجب من غير زواج ، وعلى مطلِّقها أن يدفع لها من المال ما يكفل لها عيشاً رغيداً ، فأبشروا يا أيها الوهابية بالإنفاق على اليهود والنصارى في أوربا وأمريكا ، وأبشروا داخلياً بخراب مجتمعكم ، وتحطُّم قلوب نسائكم.

فهل عرفت الآن أيها القارئ سرَّ كثرة تواجدهم بلحاهم الطويلة وثيابهم القصار في أوربا وشرق آسيا ؟!

أيها الناس هؤلاء هم الوهابية فقهاً ، وقد رأيتم من هم عقيدةً ، هؤلاء المجسِّمة لربِّ السماوات والأرض وتعالى الله عن تشبيههم ، صوروه مثلهم له رجل وقدم وجوارح يضحك ويهرول ، قاعد في السماء على العرش وقد أبقى محلَّ أربع أصابع ليجلس معه رسول الله ، إنهم ببساطة يسمعون الكلمات فلا يفهمون منها إلا ما هو قريب متناسبٌ مع أفهامهم السفيهة ، وليزدادوا شناعةً في أذهان الناس فقد أفتوا بأنَّ الأرض ليست كروية ولا تدور ، وإلا فكيف يكون ربّهم فوقهم !! ، وقد ضللوا علماء المسلمين كسيد قطب والزنداني لأنهم قالوا بدوران الأرض !! ، إنَّ النهار محتاجٌ إلى دليل في أذهان هؤلاء! ، وسبحانك اللهم يا من أنت في السماء إله وفي الأرض إله ، ليس كمثلك شيء ، لا تحيط بك الأقطار ولا بذاتك العليةِ الأفهام.

إنَّ المسلم مطالب باتخاذ موقف واضح من أعداء الأمة ، وأن ينبِّه الناس ويحذِّرهم منهم ، كما أننا ننادي منظمات حقوق الإنسان ، والمنظمات النسائية بالوقوف في وجوه هؤلاء الزناة الذين لا يقيمون احتراماً لدينٍ ولا لعرف ، وأن يُحذِّروا العالم منهم ، فهم لا يُمثِّلون الإسلام وإن ادَّعوا ذلك ، إنهم يلبسون مسوحَ النُّساك وقلوبهم قلوب الذئاب ، تُلقلق ألسنتهم بالقرآن ليل نهار وقد جعل الله على قلوبهم سداً فهم لا ينتفعون به ، إنهم أولئك الشرذمة الذين خرجوا في هذا العصر فكفَّروا من خالفهم في الرأي ، وقتَّلوا المسلمين وتفاخروا بقتل أهل الجزيرة العربية في مؤلفاتهم ، وأفتوا بقتل العراقيين وإن كانوا في الصلاة بين يدي الله سجداً وركوعا .

 

أحاديث للتأمل!

لقد ورد في صحيح البخاري : قالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

 

وجاء عند الإمام أحمد قولُه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يُسِيئُونَ الْأَعْمَالَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ قَالَ يَزِيدُ لَا أَعْلَمُ إِلَّا قَالَ: يَحْقِرُ أَحَدَكُمْ عَمَلَهُ مِنْ عَمَلِهِمْ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ فَإِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ فَطُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَطُوبَى لِمَنْ قَتَلُوهُ كُلَّمَا طَلَعَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قَطَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَأَنَا أَسْمَعُ .

 

 

ابن باز ودوران الأرض

 

الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ، رائد المنافحين عن الحركة الوهابية ، ما يزال يبذل قصارى جهده لإبقاء عقيدة التجسيم حية ، أكان ذلك بالتهريج أو بلَيِّ أعناق الآيات والأحاديث النبوية مثله في ذلك مثل السلف الذي يقتدون به كابن تيمية وابن القيم .

وهو جريء في ذلك ، فلا يتردد في الشتم والسباب وتكفير المسلمين ، وهذا الخلق أبعد ما يكون عن خلق المسلم العادي بله العالِم المتزعم للفتوى ، وتراه لا يتردد أن يسوق حتى ما لا تستسيغه العقول لنصرة عقيدتهم الفاسدة ، ومن هذه الفتاوى ، فتواه التي نشرتها الرئاسة العامة عام1976 م: "إنَّ القول بأن الشمس ثابتة وأن الأرض دائرة هو قولٌ شنيعٌ ومنكر ، ومن قال بدوران الأرض وعدم جريان الشمس فقد كفر وضل ، ويجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً مرتداً ، ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين"

وقد نشرت الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالرياض في عام 1402 هـ/1982م كتاباً من تأليف سماحته! ويالها من سماحة تلك المتطرفة التي تستحل دماء الموحدين وأموالهم ، جمع فيه من المضحكات المبكيات مما يخيَّل إلى فكره المريض بأنها أدلة نقلية على سكون الأرض فقال (أجمعت آراء السلف من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وابن القيم الذين أجمعوا على ثبوت الأرض ) فهذا هو الدليل ! أما الأسلوب البلاغي الركيك السالف فليس بالغريب عليهم ، ولكن الغريب أنهم يتصدَّون لكتاب الله وسنة رسوله وهذا حالهم.

وأضاف أنه كان من جملة الناس الذين شاهدوا بعيونهم وأبصارهم سير الشمس وجريانها في مطالعها ومغاربها قبل أن يذهب نور عينيه وهو دون العشرين ، وأكد أن الشمس سقفها ليس كروياً كما يزعم كثير من علماء الهيئة الضالين ، وإنما هي قبة ذات قوائم تحملها الملائكة وهي فوق العالم مما يلي رؤوس الناس ، و أنه لو كانت الشمس ثابتة لما كان هناك فصول أربعة ولكان الزمان في كل بلد واحد لا يختلف.

وقد نصَّ في كتابه على (أن كثيراً من مدرسي علوم الفلك ذهبوا إلى القول بثبوت الشمس ودوران الأرض وهذا كفرٌ وضلال وتكذيبٌ للكتاب والسنة وأقوال السلف ،وقد اجتمع في هذا الأمر العظيم النقل والفطرة وشاهد العيان فكيف لا يكون مثل هذا كافراً )، وقد حجَّهم ! بقوله (لو أن الأرض تتحرك لكان يجب أن يبقى الإنسان على مكانه لا يمكنه الوصول إلى حيث يريد ، لذلك فالقول بهذه المعلومات الطبيعية وتدريسها للتلاميذ على أنها حقائق ثابتة يؤدي إلى أن يتذرع بها أولئك التلاميذ على الإلحاد حتى أصبح كثير من المسلمين يعتقدون أن مثل هذا الأمر من المسلمات العلمية).

وكذلك استدل بأنَّه (لو كانت الأرض تدور كما يزعمون لكانت البلدان والأشجار والأنهار لا قرار لها ، ولشاهد الناس البلدان المغربية في المشرق والبلدان المشرقية في المغرب ، ولتغيرت القبلة على الناس لأن دوران الأرض يقتضي تغيير الجهات بالنسبة للبلدان والقارات هذا إلى أنه لو كانت الأرض تدور فعلاً لأحسَّ الناس بحركة كما يحسون بحركة الباخرة والطائرة وغيرها من المركوبات الضخمة ).

ووصف المسلمين الذين يؤمنون بكروية الأرض بأنهم يتبعون كلَّ ناعق يريد أن يفسد عقيدة المسلمين بأنهم بعيدون عن استعمال عقولهم وأنهم أعطوا قيادهم لغيرهم فأصبحوا كبيهمة الأنعام العجماء بعد أن فقدوا ميزة العقل.

وقد خلص ابن باز إلى أن (القائل بدوران الأرض ضال قد كفر وأضل كذَّب القرآن والسنة ، وأنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً مرتداً ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين.)

 

وهذا التهريج يسوقه الوهابية عموماً ، فالشيخ عبدالكريم بن صالح الحميد ألَّف كتاباً في هذا الموضوع عنوانه (هداية الحيران في مسألة الدوران) وقد تعرضنا له في مقال سابق.

 

لماذا ينادي الوهابية بعدم كروية الأرض ودورانها؟

الوهابية في الحقيقة يرون العلوم العصرية عامة علومٌ عمَّت بها البلوى ! منها (علوم مفسدة للإعتقاد كالقول بدوران الأرض ، وغيره من علوم الملاحدة) (هداية الحيران ص 11) . وهذا هو بيت القصيد (فالقول بدوران الأرض يفضي إلى التعطيل) (ص13) ، فعقيدة التجسيم ، والعلو الحسي تنهدم إذا ثبت دوران الأرض ، لذا فهم يرون أن (القول بدوران الأرض أعظم من اعتقاد تسلسل الإنسان من القرود بكثير)! (ص32).

نقول : عسى أن يكون في فتاويهم هذه فرصة لكثير من الناس لمراجعة أنفسهم ، وعدم اتباع خطوات هؤلاء في عقائدهم المنحرفة التي ليس لها قرار.

 

والحقُّ إنه لِأمرٍ ما جعل الله حثالة من الأعراب - المتحجرة عقولهم الخوارج عن الدِّين التي تستحل دماء الموحدين لا لسبب وإنما لغبائها - تتحكم في أقدس مسجدَين ، بينما يتحكم اليهود في الثالث.

 

حرمان الجنة لمقتني الدش

وفيه برهان على تناقضهم عقائدياً

 

أيها الاخوة بين أيدينا الآن فتوى لأحد أساطين الوهابية المتخصصين في تكفير المسلمين ، يكفر فيها من اقتنى الدش ويجزم بحرمانه من الجنة ، هكذا ! وإليكموها:

 

هل يحرم من الجنة من مات وقد خلف في بيته جهاز الاستقبال (الدش)؟

نص كلام الشيخ: (( قال صلى الله عليه وسلم (ما من عبد يسترعيه الله رعيةً يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) وهذه الرعاية تشمل الرعاية الكبرى الواسعة والرعاية الصغرى ، وتشمل رعاية الرجل في أهله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته)

وعلى هذا فمن مات وقد خلف في بيته شيئاً من صحون الاستقبال (الدش) فإنه قد مات وهو غاش لرعيته وسوف يحرم من الجنة كما جاء في الحديث !!! ))اهـ.

هكذا وبكل جرأة قرر المفتي وبفهم أعمى للنص حرمان أغلب المسلمين في هذا العصر من دخول الجنة ، بلفظة سوف يحرم من الجنة ، وكأن مفاتيحها بيده ،

 

فأولاً: ما ذا سيكون جوابه لمن اشتراها لمشاهدة البرامج الإسلامية ؟ ولمتابعة الصلاة في الحرمين الشريفين ويتحكم فيها ؟!

 

ثانياً: هذه الأقمار الصناعية تعطي المسلم حرية أكبر للهرب من الضار والبحث عن النافع ، فينتقل المشاهد من قناة فضائية إلى أخرى بحثاً عن كل برنامج ملتزم ، وهرباً من أن يكون أسير برامج فيها ما يكره لأبنائه مشاهدته ، وفوق هذا فقد علمهم حسن استغلاله وتوظيفه ؟!.

 

ثالثاً: ماذا سيقول للمسلم في بلاد الغرب الذي يشتري الصحن الهوائي ليصل أبنائه بلغة القرآن الكريم ، ومتابعة أخبار المسلمين ؟!

سبحان الله كم هو سهل لدى هؤلاء القوم تكفير الخلق ، وتقرير حرمانهم من الجنة ، من غير دراسة للذي يفتون فيه وحسن تمعن ؛ فشبكة (عربسات مثلا ) ما الفرق بين ما يعرض فيها وبين ما يعرض في التلفزيون الذي يرضى عنه الشيخ المفتي (ستعرفونه عما قريب )، والذي لم نسمع منه تكفيراً لمن يشاهده .

 

رابعاً: هذه مخالفة صريحة لعقيدة الشيخ الذي لا يقر بتخليد من مات مُصِرَّاً على كبيرة في النار ، فهم يكفِّرون الإباضية بسبب ذلك ، وهو ههنا يقرر حرمان مرتكب الكبيرة - على حسب ظنه - من الجنة .

ليت شعري إنَّ هذا لتناقض أصحاب العقائد الباطلة ، فالحديث الذي أساءوا تأويله لهو حجةٌ واضحةٌ عليهم كما هو جليٌّ لكلِّ بصير.

 

خامساً: أما من اشترك في الإنترنت فعقابه - بناءً على فتوى الشيخ - ليس بالأهون ، ففي الإنترنت الإباحية أبشع من الدش لمن أراد الفساد !

 

سادساً: يلزم الشيخ بناء على فتواه أن يكون اقتناء الهاتف في البيت غير جائز ومقتنيه محروم من الجنة ؛ لأن الرعية قد تستخدم هذا الجهاز في ما لا يرضي الله ، وقِس على ذلك غيره من الأجهزة.

 

سابعاً: فوق هذا فهؤلاء الوهابية يحاربون الهواء ، فأجهزة البث في تطور مستمر ، ولعل القنوات الفضائية ستصل غداً من غير دش ، والمخرج من هذا ليس إلا المسارعة إلى حسن استغلالها وتوظيفها في ما يرضي الله وينفعنا ، مع حسن تربية أبنائنا على التقوى التي تمنع المسلم الصائم من الأكل والشرب مع توفُّره وإنْ لم يكن عليه رقيب من الخلق ، أما أن ننصح الناس بدفن رؤوسهم في الرمل ، وتكفيرهم إن لم يفعلوا ما نقرر نحن لهم فهذا جهل وأيم الحقِّ بروح الإسلام وجوهره.

 

ثامناً: نعم إن المسلم سيكون غاشاً لرعيته إذا رباهم على الانحلال ، ووفر لهم وسائل الضلال وتركهم من غير توجيه ، فليت فضيلة الشيخ حضَّ النَّاس على تقوى الله وغرسها في الناشئة ، فهي مِلاكُ ذلك كلِّه.

 

تاسعاً: ألم يكن الأولى بالشيخ - لو لم تُعْمِه العقيدة الوهابية - أن يفتي بأنَّ صحن الاستقبال الهوائي جهاز كغيره من الأجهزة ، طريقة استخدامه هي مناط الحِلِّ والحرمة فيه ، فما يباح على الطبيعة فعرضه مباح فيه ، وما يحرم على الطبيعة فهو حرام ، وعلى المسلمين المسارعة إلى السيطرة عليه لتقديم النافع المفيد ، ونشر الدعوة الإسلامية.

 

 

عاشراً: لقد أدت هذه الفتوى إلى الكثير من الإشكال حيث بدأ أحد أبواقهم في مكان مجاور لهم بعدم جواز تزويج من لديه دش! ، ولقد بلغ الحال بكلابهم المسعورة التي يدعونها زوراً بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صاحبة الجرأة البلهاء والتدين الأعمى برشق الصحون الهوائية على بيوت الناس ببنادق الصيد !

فيا سبحان الله من أين استحل الوهابية الاعتداء على ممتلكات الناس !

نعم إنها الفتوى الجائرة تُحِلُّ وتُحَرِّم متى شاءت من غير رادع ولا برهان.

 

ختاما إنَّ المفتي هو فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الرجل الثاني لدى الوهابية ، قال هذا في الخطبة الثانية يوم الجمعة 25/3/1417هـ ، والفتوى بين أيدينا مطبوعة ، وقد علَّق عليها الشيخ بخط يده ، لا يمانع من نشرها وقد وقَّعها بتأريخ 28/3/1417 للهجرة الشريفة.

 

الحركة في الصلاة

في البرنامج الإذاعي (نور على الدرب) سُئل الشيخ ابن باز عن حكم النظر إلى الساعة في الصلاة ، فظننا بأن الشيخ سيغضب لسخافة السؤال ، واستهتاره بعظمة الصلاة ، ووجوب الخشوع فيها لأن العبد يكون فيها مخاطباً مالك الملك قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ، فالحركة إن لم تكن لإصلاح الصلاة فأمرها جليل ، ولكن فاجأنا الشيخ بجوابه حيث قال (لا بأس بها إن كانت لمعرفة الوقت) ونحن والعجب يأخذ منا كلَّ مأخذ نقول ومتى كان النظر إلى الساعات للمغازلة ؟!

هذا الفقه الوهابي الأعوج تراه متمثلاً في أئمة الحرم الوهابية فعلى الرغم من حفظهم لكتاب الله ، وترنمهم به ، فإنك تستطيع أن تحصي لأحدهم أكثر من حركة في كلِّ ركعة من ركعات صلاته ؛ ليست من إصلاح الصلاة في شيء ، بل هي العبث عينه ؛ كالعبث (بالغترة) التي هي عائق في الصلاة بحدِّ ذاتها ، وذلك لأنهم تركوا لبس العمائم التي هي سنة نبوية شهيرة ؛ رغم أنهم أدعياء السلفية !(1)، وكالعبث بالعباءة ، واللحية والشارب ، بل ورأينا في قيام رمضان سنة 1418هـ سترة الإمام الحافظ للقرآن يجلس في وسط الصلاة ليشرب القهوة ، وساقيهم يمر بين أيدي المصلين ، فهذا هو الفقه الوهابي في الصلاة.

 

الهامش:

1. الحق أن سلفيتهم لا ترقى إلى عصر الإسلام الذهبي ، عصر النبوة الطاهر والصحابة الأبرار ، وإن ضللوا الناس بذلك ، والدليل على ذلك أنها تتوقف عند ابن تيمية وأتباعه ، ويأبون كل ما يخالف منهجهم من قرآن أو سنة ، ويقولون (لا خير في قرآن ولا سنة إن لم يكن على منهج السلف) قالها شيخهم عبدالرحيم الطحان ويرددها أشياعهم على الساحة الإسلامية بالشبكة العالمية للمعلومات (إنترنت) ، وهي عبارة باطلة عاطلة في كل أحوالها ؛ فكيف إذا كانت تعني ابن تيمية وأتباعه البعيدين عن العصر النبوي بل وحتى عن عصر تابع التابعين!

 

أسعار النساء

 

الفقه الوهابي وصفناه بأنه أعرابي ، نتيجة لما نراه من فتاوى هزيلة عمياء ، ومنها هذه الفتوى المضحكة ، فقد ذكرت صحيفة الرياض بتاريخ 27 ربيع الأول سنة 1405 هـ قرار تحديد مهور النساء في منطقة جيزان كما يلي :

 

والغريب أن هذه البدعة الوهابية أغفلت أسعار السمينة والهزيلة ، والولود والعاقر الخ

هذه قيمة الإنسانية لدى هؤلاء ، إنهم جهلة حتى بمعنى المهر ، إن المهر أيها البُله العميان بمقاصد التشريع ، ما كان لتحديد أسعار النساء المؤمنات ، فهنَّ في شرع الله ضنائن مصونات ، نفوس الرجال تنفق في سبيل الله لحمايتهن ، وإنما كان المهر شعاراً رمزياً لبناء عشِّ الزوجية الطاهر ، وإلا لكان مهر فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم أغلى مهر يدفع.